http://www.sunnah.org.sa/templates/sunnah/images/sunnah2/componentheading_22.jpg); background- 100% 0%; background-repeat: no-repeat no-repeat;">منهج الإمام ابن القيم في كتاب «المنار المنيف في الصّحيح والضّعيف»
اسم الكتاب: لم يسمّ ابن القيم كتابه إذ لم يجعل له مقدّمةً على عادته في كتبه الأخرى, بل بدأ به مباشرة, وقد طبع الكتاب بعدّة أسماء, والذي انتهى إليه المحققون أن الاسم الصّحيح له هو: " المنار المنيف في الصّحيح والضّعيف ".
محتويات الكتاب, منهج مؤلفه:
هذا الكتاب اللطيف الحجم الغزير العلم, اختصر فيه مؤلفه الإمام ابن القيم كتاب الإمام ابن الجوزي "الموضوعات", وقد أحسن الاختصار وأجاده, واستوفى في هذه الصفحات المعدودة أركان ذلك الكتاب, وقد استخلص من الأبواب التي ساقها ابن الجوزي بأحاديثها ضوابط وكليّات وأمارات تدلّ على الحديث الموضوع في ذلك الباب.
ولم يذكر رحمه الله اختصاره لكتاب "الموضوعات" تصريحاً أو تلويحاً, ولكن المقابلة بين الكتابين تُثبت ذلك بأيسر النظر للعارف بهذا الشّأن, وقد سمّى في بعض فصول هذا الكتاب ابن الجوزي, وجاء اختصاره من أحسن المختصرات لكتاب الموضوعات؛ ولا غرابة في تميّز كتابه, فإنّ إمامة مؤلّفه في الحديث, وحفظه, ومعرفة رجاله.. أرسخ وأقوى من غيره, ولذا كانت المؤاخذات على كتابه يسيرة.
تناول الكتاب أكثر من موضوع, حيث أنه ألّفه نتيجة سؤالين:
الأول: كان حول أحاديث معيّنة.
الثاني: وهو كما أورده المؤلّف: وسُئلتُ: هل يمكن معرفة الحديث الموضوع, بضابط من غير أن يُنظر في سنده.
ويتمثّل جواب ابن القيّم عن هذا السؤال في أمرين:
الأول: أتى بضوابط مجملة يُمكن بموجبها الحكم على الحديث بالوضع, ومن أهمّها:
1- اشتماله على أمثال هذه المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله صلى الله عليه و سلم وهي كثيرة جداً. وخاصّة ما يتعلّق منها بالوعد والوعيد.
2- ومنها تكذيب الحسَّ له كحديث.
3- ومنها مناقصة الحديث لما جاءت به السنة الصريحة مناقضة بينة.
4- ومنها أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء فضلا عن كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي هو وحي يوحى كما قال الله تعالى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أي وما نطقه إلا وحي يوحى فيكون الحديث مما لا يشبه الوحي بل لا يشبه كلام الصحابة.
5- ومنها أن يكون الحديث بوصف الأطباء والطرقية أشبه وأليق.
6- ومنها الأحاديث التي يذكر فيها الخضر وحياته كلها كذب ولا يصح في حياته حديث واحد.
7- ومنها مخالفة الحديث صريح القرآن كحديث مقدار الدنيا وأنها سبعة آلاف سنة ونحن في الألف السابعة.
8- ومنها ما يقترن بالحديث من القرائن التي يعلم بها أنه باطل مثل حديث وضع الجزية عن أهل خيبر وهذا كذب من عدة وجوه أحدها أنه فيه شهادة سعد بن معاذ وسعد قد توفي قبل ذلك في غزوة الخندق...
الأمر الثاني: أتى بكلّيات عامّة, وضوابط تفصيليّة تتناول مسائل شتّى. كلّ كليّة منها تتناول مسألة معيّنة, وقد صدّر كلّ كليّة منها بقوله: كلّ حديث...
فقال:
فصل في ذكر جوامع وضوابط كلية في هذا الباب:فمنها أحاديث الحمام بالتخفيف لا يصح منها شيء.
- منها أحاديث اتخاذ الدجاج وليس فيها حديث صحيح.
- منها أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء والتزين والتوسعة والصلاة فيه وغير ذلك من فضائل لا يصح منها شيء ولا حديث واحد.
- مما وضعه جهلة المنتسبين إلى السنة في فضائل الصديق رضي الله عنه.
- ومن ذلك ما وضعه بعض جهلة أهل السنة في فضائل معاوية ابن أبي سفيان.
- ومن ذلك الأحاديث في ذم معاوية.
- وكل حديث في التنشيف بعد الوضوء فإنه لا يصح.
- ومن ذلك أحاديث فضائل الأزهار كحديث فضل النرجس والورد والمرزنجوش والبنفسج والبان وكلها كذب.
- ومن ذلك أحاديث فضائل الديك كلها كذب؛ إلا حديثا واحدا إذا سمعتم صياح الديكة فأسألو الله من فضله وقد تقدم ذلك.
- ومن ذلك أحاديث لا يدخل الجنة ولد زنا.
- ومن ذلك أحاديث المنع من رفع اليدين في الصلاة عند الركوع والرفع منه. كلها باطلة على رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يصح منها شيء.
- ومن ذلك حديث إن الناس يوم القيامة يدعون بأمهاتهم لابآئهم؛ هو باطل والأحاديث الصحيحة بخلافه.
ملاحظات عامّـة:
1- قسّم ابن القيّم كتابه فصولاً خمسةً أجاب في الفصول الأربعة عن السؤال الأول, وهو: سُئلتُ عن حديث: " صلاةٌ بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك ". وكيف يكون هذا التّضعيف, وكذلك قوله في حديث جويريّه: " لقد قلتُ بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهنَّ, وحديث: " صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر يقوم مقام صيام شهر ". وحديث: " من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله...". الحديث.
أما الفصل الخامس فقد عقده للإجابة عن السؤال الثاني:
2- أورد الضوابط التفصيليّة كيف ما اتفق, ولم يُراع ترتيبها حسب أبواب الجوامع الحديث, كما راعى ذلك غيره ممّن ألّف على هذا المنوال, بل أوردها حسب ما خطر له, ولذا تكرّر كلامه في بعض الأمور.
3- غالب الكليّات التي أوردها المؤلّف سُلِّمت له, ولم يستدرك بها عليه إلا في النادر, وغالبُ ما استدرك عليه فيه نظرٌ لأنه محكومٌ بضعفه, والنِّزاع بين كونه موضوعاً, وكونه ضعيفاً لا يبلغ درجة الوضع.
4- كثيراً ما يُعطي المؤلّف حكماً عاماً في أن الأحاديث الواردة في معنىً معيّن لا تصحّ, أو تثبُت ثم يستثني من ذلك الأحاديث الثّابتة كما جاء في كلامه على أحاديث الذِّكر بعد الوضوء. وأحاديث فضل الدِّيك.
5- ختم الكتاب بعقد فصل في الكلام على المهدي, تناول فيه بالتّفصيل الأحاديث التي وردت عن المهدي الثّابتة منها وغير الثّابتة, واختلاف أهل السنّة والشّيعة في مراد كلّ من المهدي, وموقف أهل البدع منه, وكذلك المهدي المنتظر عند المسيحيين واليهود.
مرجع الفقرة: كتب "المنار المنيف" لابن القيم. كتاب "الوضع في الحديث" للشيخ عمر فلاته.
طبعات الكتاب:
- طبع باسم "المنار" بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي, بمطبعة السنة المحمّديّة.
- ثم طبع باسم "نقد المنقول, أو المنار في الصحيح والضّعيف". بمطبعة مكتبة الشامي سنة 1383هـ
- وطبع باسم "المنار المنيف في الصحيح والضّعيف" بتحقيق: محمد مهدي استانبولي.
- وطبع بتحقيق: عبد الفتاح أبو غدَّة، ط الثانية 1403 هـ نشر مكتب المطبوعات الإسلاميَّة بحلب.
- طبع دار العاصمة، تحقيق العلامة المعلِّمي، أعدَّها وأخرجها:منصور السماري.
- ثم طبع أخيراً بتحقيق يحيى الثّمالي, وإشراف الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله, وصدر عن دار عالم الفوائد. سنة 1428هـ.